تحليل خاص | بُعد قطر عن المواجهات التنافسية.. والفوارق مع الإكوادور

الحفل الافتتاحي

منذ ساعات ظهيرة الأحد، أوَّل أيَام كأس العالم 2022 في قطر، اتَّجهت الأنظار نحو استاد البيت في مدينة الدَّوحة، حيث كانت البداية الفعليَّة لأعظم حدث رياضي على سطح المعمورة.

افتتاحيَّة أقل ما يمكن أن يُقال عنها إنَّها أسطوريَّة، حفل ثقافي حمل قيمة ثقافيَّة حقيقيَّة، ذات رسالة أخلاقيَّة مفادها بأنَّنا لن نرد الإساءة بالإساءة، بل جئنا لنذكِّر من أساء إلينا أنَّنا من أصلٍ واحدٍ باختلاف التَّقاليد والمعتقدات، فالاختلاف بيننا هو اختلاف تنوٌّع لا اختلاف تضادّ.

الفيديو هنا أكبر تعبير لما قيل سلفًا، فبداية هذا الحفل المهيب بآية قرآنية كريمة تدعو إلى التَّقارب بدل التَّباعد وإلى الألفة والابتعاد عن العداوة والبغضاء، صورة جمعت بين المشرق والمغرب فما فرَّقته السِّياسة جمعته الرِّياضة.

التَّشكيلة والرَّسم التَّكتيكي للمنتخبين

بدأت قطر اللِّقاء برسم تكتيكي 5-3-2؛ سعد الشَّيب في حراسة المرمى؛ بوعلام خوخي، عبد الكريم حسّان وبسّام الرّاوي في قلب الدفاع؛ بيدرو وهمّام أحمد في مركزي الظَّهيرين؛ كريم بوضياف، عبد العزيز حاتم والهيدروس في خط الوسط؛ أكرم عفيف والمعز علي في المقدِّمة.

بالنِّسبة لمنتخب الإكوادور فقد بدأ اللِّقاء برسم تكتيكي 4-4-2؛ غالنديز في حراسة المرمى؛ بريسادو، توريس، هينكابي واستوبينان في خط الدِّفاع؛ بلاتا، مينديز، كايسيدو وابارا في خط الوسط؛ فالينسيا واسترادا في خط الهجوم.

الشَّوط الأوَّل

دخل لاعبو المنتخب القطري بأجسادهم لا بعقولهم، وهنا يجب أن ننوِّه إلى نقطة مهمَّة بالنِّسبة للمنتخب القطري، فمنذ شهر أيّار/مايو الماضي لم يخض لاعبو "العنّابي" أي مباراة تنافسيَّة، الأمر الذي كان على المدرِّب تداركه قبل اللِّقاء عن طريق محاولة الاستحواذ على الكرة أوَّل ربع ساعة من المباراة، إلى أن يدخل لاعبوه أجواء المباراة، وعندها يقوم بتقسيم أوقات المباراة بين هجوم، ضغط عالي، استحواذ وتراجع إلى الخلف وقت الضَّرورة، الأمر الذي لم يحدث، فلم يستطع المنتخب القطري الخروج من ضغط وسط ميدان الإكوادور المتحكِّم برتم المباراة.

في الجانب الآخر، بدأ منتخب الإكوادور المباراة بطريقة هادئة، بضغط عال وبخط دفاع متقدِّم، إلى أن سجَّل الهدف الأوَّل عن طريق ركلة جزاء.

لم يتراجع لاعبو المنتخب الإكوادوري بعد تسجيل الهدف الأوَّل، بل استمرّوا بالضَّغط العالي والاستحواذ على الكرة إلى أن سجَّلوا الهدف الثّاني عن طريق كرة عرضيَّة تابعها فالنسيا برأسه إلى الشِّباك.

بعد الهدف الثّاني تراجع المنتخب الإكوادوري لتأمين النَّتيجة حتّى نهاية الشَّوط الأوَّل، فرغم تراجع المنتخب الإكوادوري لم نشاهد أي فرصة لقطر، سوى الكرة التي أهدرها المعز علي برأسه قبل صافرة نهاية الشَّوط الأوَّل بلحظات.

الشَّوط الثّاني

في الدَّقائق الأولى للشَّوط الثاني لاحظنا تراجع الإكوادور قليلًا لامتصاص حماس المنتخب القطري، لكن المنتخب القطري لم يستغل هذا التَّراجع، حيث لم ينجح لاعبوه بخلق الفرص على مرمى الإكوادور.

في الشَّوط الثّاني لاحظنا تحسَّن طفيف بالنِّسبة للمنتخب القطري على مستوى التَّمرير والخروج بالكرة ولاحظنا بعض الشَّجاعة من سانشيز مدرِّب منتخب قطر بصعود الأظهرة والاعتماد على بيدرو في الكرات الطَّويلة.

لم يستمر تراجع منتخب الإكوادور طويلًا، فعاد ليسيطر ويتحكَّم برتم المباراة كما يشاء، وفرض نفسه وطريقة لعبه على المنتخب القطري، فتقدَّم عندما أراد التَّقدُّم، وتراجع عندما أراد ذلك ودون أن يشكِّل منتخب قطر أي خطورة على مرماه.

نقاط وملاحظات عن اللِّقاء

* الفوارق الفنِّيَّة والبدنيَّة كانت واضحة بين المنتخبين، فمنتخب الإكوادور يملك لاعبين ينشطون في الدَّوريّات الخمس الكبرى، على عكس منتخب قطر الذي يملك لاعبين محلّيين فقط.

* خسارة منتخب قطر كانت ذهنيَّة قبل أن تكون فنيَّة وتكتيكيَّة.

* بُعد المنتخب القطري عن المواجهات التَّنافسيَّة كان له قسط كبير من الأداء الضَّعيف الذي بدا عليه في المباراة.

رجل المباراة

بتسجيله هدفين، وتهديد مرمى المنتخب القطري في أكثر من مناسبة يستحق مهاجم المنتخب الإكوادوري، فالنسيا، لقب رجل المباراة، لكن على الصَّعيد الفنّي لا يمكن أن نغض البصر عن كل ما قدَّمه لاعب الوسط مينديز في المباراة، فقد كان بمثابة محرِّك للمباراة وهو من يتحكَّم برتمها.

ماذا بعد؟

بعد هذه المباراة فقد خسرت قطر ثلث حظوظها في التَّأهُّل للدَّور القادم، ولا حل آخر سوى الفوز على السِّنغال للحفاظ على بعض الأمل في التَّأهُّل.